ما حكم شرب المياه الغازية كل يوم؟علما بانها تسبب ضعف العظام وغيرها؟

ما حكم شرب المياه الغازية كل يوم؟علما بانها تسبب ضعف العظام وغيرها؟

بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله ،وبعد

فالأصل في المأكولات والمشروبات أنها مباحة شرعا ، إلا إذا كان هناك دليل شرعي يدل على التحريم ، والمياه الغازية من حيث الأصل مباحة شرعا، ولكن تقاطع ويقاطع كل منتج إسرائيلي وأمريكي – إلا ما دعت إليه الضرورة – إذا لم يكن له بديل آخر، و ذلك لأكثر من سبب :

الأول : أن المقاطعة نوع من الجهاد الذي تملكه الشعوب ، بعيدا عن الطريق السياسي الذي تأخذه بعض الدول التي تعجز عن سن قانون لهذا، ولو بصورة حالية .
الثاني :أن الأمة في حاجة إلى إثبات الذات ، وأن يقوم أصحاب المال بفتح مشاريع بديلة للمنتجات المقاطعة ، وأن تسهم الأمة الإسلامية بجهدها في المجال الصناعي مع الأمم الأخرى ، تحقيقا لعالمية الإسلام، و إظهارا لتعاليمه التي تحث على جودة المنتج وإتقانه، وتقديم نفع للبشرية كلها.
الثالث : أنه ثبت أن كثيرا من الشركات تمول الحكومة الإسرائيلية، و الفكر الصهيوني، والمقاطعة نوع من صد هذا العدوان، وخاصة أن بناء الأمم يقوم على الدعامة الاقتصادية ، كجزء أصيل من قيام الدول .
ولكن ليس هناك دليل يحرم المشروبات الغازية من حيث الأصل ، وليست هي التي تقاطع وحدها .

يقول الشيخ عبد الباري الزمزمي عضو رابطة علماء المغرب :

الأصل في الأشياء ـ وخاصة الأطعمة و الأشربة ــ الإباحة إلا ما ثبت تحريمه بدليل صحيح صريح ، لقوله عز و جل : (هو الذي خلق لكم ما في الأرض جميعا )،و قوله سبحانه Sad

قل لا أجد فيما أوحي إلي محرما على طاعم يطعمه إلا أن يكون ميتة أو دما مسفوحا أو لحم خنزير فإنه رجس أو فسقا أهل لغير الله به)، و كون المشروب المشار إليه من صناعة اليهود لا يعد دليلا شرعيا للتحريم لأن شراء صناعة اليهود و التعامل معهم غير محرم في الإسلام ، فقد كان المسلمون على عهد النبي صلى الله عليه و سلم و الخلفاء الراشدين يشترون من اليهود و يتعاملون معهم في الأموال و العقار وهم يعلمون أن اليهود ألد أعدائهم و أنهم يكيدون لهم المكايد و يتربصون بهم الدوائر ،ثم إذا كان المقصود مقاطعة الصناعة اليهودية إضعافا لشوكتهم فالأولى و الأوجب مقاطعة صناعة أمريكا و حلفائها في الشرق والغرب الذين ينصرون اليهود و يثبتون أقدامهم على أرض فلسطين، فهل يجوز أن يقول قائل :إن استهلاك الصناعات العالمية محرم بهذا الاعتبار؟ ولو قاله قائل فإن قوله لا يعدو أن يكون من الغلو الذي حذر منه النبي صلى الله عليه و سلم بقوله : إياكم و الغلو في الدين .
أما مقاطعة التجارة مع العدو و الامتناع عن استهلاك صناعته لتخريب اقتصاده فهو عمل مشروع إذا دعت الحاجة إليه ، لقوله عز و جل : ( ما قطعتم من لينة أو تركتموها قائمة على أصولها فبإذن الله وليخزي الفاسقين ) ، وهو عمل لا يتحقق المقصود منه إلا بالمقاطعة الشاملة لكافة بضائع العدو ومختلف أنواع منتجاته لا مقاطعة صنف بعينه .

أما ما يقال في المشروب المذكور من الأقاويل فما هي إلا ظنون ورجم بالغيب وإن الظن لا يغني من الحق شيئا ، فإذا ثبت فيها شيء بدليل صحيح وخبر ثابت وجب العمل به و المصير إليه ، ودفعا لكل ريبة أقول للسائل : إني لا أشرب هذه المشروبات الغازية منذ سنين عديدة، لا لكونها محرمة ، لكن لما فيها من المضرة و الإذاية فأنا أجتنبها كما يجتنب المريض ما يمنع عليه من الطعام والشراب و الله ولي التوفيق.